الشيخ محمد الغزالي
شكت لى سيدة فضلى أنها سمعت خطيب الجمعة يقول : رحم الله عصرا كانت المرأة لا تخرج أبدا إلا ثلاث مرات، من بطن أمها إلى الدنيا، ومن دار أبيها إلى الزوج، ومن دار زوجها إلى القبر!!! قالت: أذلك ما يصنعه لنا الإسلام؟ فأجبت بأن الخطيب وقع تحت ضغط الفساد الذى وفدت به الحضارة الحديثة. فقال ما قال، وكان غير موفق، فإن الانحراف لا يداوى بالانحراف.. إن للمرأة أن تخرج للصلوات الجامعة خمس مرات فى اليوم، ولها أن تخرج إلى حوائجها فى الأسواق والمحال التجارية، ولها أن تخرج مع الجيش إذا كانت لديها مهارة عسكرية أو طبية أو هندسية، والعصر الذى نترحم عليه أو نقتبس منه هو عصر النبوة، فهو خير القرون يقينا، أما عصور الانحراف أو الجهالة فلا يقاس عليها ولا يتأسى بها... والخطيب المذكور رأى انهيار الأسرة فى الغرب، وضيعة الأولاد، وانتشار الدنايا فقال ما قال... وخير من مقولته أن ينقل بأمانة وضع المرأة المسلمة كما رسمه القرآن، وأوضحته السنة الشريفة.
كتب الزعيم السلفى العظيم "عبد الحميد بن باديس" عن " الربيع بنت معوذ " فقال: إنها حضرت بيعة الرضوان وكانت ممن يغزون مع النبى (صلى الله عليه وسلم) مع نساء أخريات يخدمن الجيش ويسقين الماء ويداوين الجرحى ويحملنهم إلى المدينة.. ثم قال " ابن باديس " بعد ما شرح موقف الدين من المرأة: إنه لابد من مراعاة ما يفرضه عليهن الإسلام من تصوّن، وعدم تبرج، وعدم اختلاط! ولن تكمل حياة الأمة إلا بحياة شطريها، الذكر والأنثى... وكشف الرجل عن قيمة ما رواه الطبرانى عن عائشة مرفوعا- فى شأن النساء: " لا تنزلوهن الغرف- يعنى لا يسكنّ فى الأعالي- ولا تعلموهن الكتابة، وعلموهن الغزل وسورة النور" فبين أنه حديث مكذوب... وقد أعلنّا نحن أسانا من أن هذا الحديث الموضوع يحكم المجتمع الإسلامى من قرون!
أما السنن المتواترة والصحيحة والحسنة فقد تم تجميدها بطريقة غريبة، وبذلك أخذ المسلمون يتدحرجون إلى العالم الثالث، ويتزاحمون فى ذيل القافلة البشرية لفقدان التربية الصحيحة، ولا تربية مع جهالة المرأة، وعزلها عن العلم والعبادة، ودعوات الخير، وشئون المسلمين!!. وإيضاح أخير، إن الرجل قد يقول عن نفسه: أنا لا أذهب إلى المقاهى والأندية، حياتى بين عملى وبيتى! إن دلالة هذا القول معروفة، وهى لا تعنى أبدا أنه لا يذهب إلى المساجد، أو لا يتردد على الأسواق.
كذلك الأمر بقرار المرأة فى البيت! إنه لفت إلى وظيفتها العتيدة من حيث هى ربة بيت وقيّمة على أسرة، ولا يعنى أبدا أنها سجينة لا تخرج إلا إلى القبر... أو الزوج!!.