حسن دوح كان خطيبا ثوريا يجذب قلوب الطلبة بخطبه في أثناء فترة الجامعة، كما أنه واحد من الذين شاركوا في حرب فلسطين ونالوا وسام الشرف من الملك فاروق، وكان كاتباً مميزاً فى نشر الفكرة الإسلامية.

الميلاد والنشأة

ولد حسن محمد حسن إبراهيم دوح في أكتوبر عام 1921م في قرية طفنيس المطاعنة مركز إسنا محافظة قنا، حيث ترعرع فيها وشب وتعلم منها الكثير يصفها بقوله: "قرية صغيرة ترقد على الجانب الغربي للنيل اسمها «طفنيس» وهي تتبع إسنا ثم قنا.. هذه القرية لا تزال تحكمني إلى اليوم في كثير من تصرفاتي.. وحكمها لي لا أرفضه دائما ولا أقبله كما تنزل عليّ.. فقريتي كانت وما زالت من أكبر المعلمين لي في حياتي".

 حفظ القرآن الكريم بكتاب قريته، والتحق بالمدرسة الابتدائية بإسنا، ثم تلقى تعليمه الثانوي بمدرسة سوهاج الثانوية، وأنهاه بمدرسة السعيدية الثانوية بالقاهرة، التحق بعدها بكلية الحقوق جامعة القاهرة (1944) ولظروف اعتقاله حصل على درجة الليسانس (1954).

افتتح مكتبًا للمحاماة بالقاهرة، وعندما تعثر نشاط المكتب عمل في وظيفة قانونية بالاتحاد القومي، التحق بعدها بدار أخبار اليوم وشجعه مصطفى أمين على السفر إلى بريطانيا لإجراء بعض التحقيقات الصحفية، والتحق بعدها بقسم الأخبار مسؤولاً عن متابعة أخبار وزارتي المالية والإسكان، ثم قصد الكويت، وعمل خبيرًا أولَ قانونيًا بوزارة المالية والنفط حتى (1979) تاريخ عودته إلى بلاده.

حسن دوح والحركة الإسلامية

تعرف حسن دوح على جماعة الإخوان في أواخر الثلاثينيات حيث كان يزور قريتهم الأخ الجنيدي جمعة بكلية الشريعة وأحمد رفعت بكلية التجارة، يقول فى ذلك: "وكان أول لقاء لي مع الفكر والسياسة والنشاط العام في قريتنا في الثلاثينيات، حينما زار قريتنا شابان من شباب الإخوان المسلمين المتحمسين، هما الشيخ الجنيدي وكان طالبا بكلية الشريعة بالأزهر، والآخر وهو أحمد رفعت وكان طالبا بكلية التجارة بجامعة القاهرة، ثم زارهم الإمام الشهيد حسن البنا في قريتهم وتعرف على والده عمدة القرية، وفي حرب 1948م أخذه والده بيده ليسلمه للإمام البنا ويقول له هذا ابني ليجاهد، وبعدما انتقل إلى القاهرة التحق بجماعة الإخوان المسلمين.

يقول حسن دوح:  

"كان للأستاذ فريد عبد الخالق رئيس قسم الطلبة أثر كبير في ربطي بالدار، فقد كان الرجل يفيض إخلاصا ومحبة لعمله إلا أنه دفع بي إلى دائرة الضوء بسرعة ووضعني في مكانة المعلم ولم أكن قد تهيأت لها، ففي أواخر عام 1945 أرسل بي إلى دمنهور كمندوب لقسم الطلبة".

وقاد دوح المظاهرات في جامعة القاهرة وأصبح من الخطباء المفوهين للحديث فى السياسة ونشر الدعوة وسط جموع الطلبة، وواظب على العمل وسط الإخوان.

دوح وحرب فلسطين 

التحق حسن دوح بالنظام الخاص وسافر للحرب في فلسطين عام 1948م، يصف هذا المعنى فيقول: وجاءني موفد من قبل المركز العام ينبئني بموعد السفر، وأنني قد اخترت لأصاحب المرحوم يوسف طلعت الذي كان يتولى القيادة الفعلية للمعركة في حين كان المرحوم الشيخ محمد فرغلي يتولى القيادة العامة في فلسطين نيابة عن الأستاذ البنا.. ذهبت إلى الإسماعيلية في رفقة الأستاذ البنا ثم ركبنا سيارة كبيرة انطلقت بنا عبر سيناء وكانت السيارة تضم عددا من قادة الإخوان وبعضا من المجندين... وصلنا معسكر النصيرات حيث كانت تعسكر قوة الإخوان المسلمين بقيادة الشيخ محمد فرغلي، فاستقبلتنا القوة أحسن استقبال واحتفت بالقائد العام أيما حفاوة".

وأبلى الإخوان بلاء حسنا وتعرضوا للاضطهاد من قبل النظام ومن قبل الاستعمار، ولم يتوقف اضطهاد الجماعة، فبعد عودتهم اعتقلوا جميعا، فيقول: لبثنا في معسكر البريج قرابة ستة أشهر ثم نقل الجميع إلى معسكر آخر بالعريش أمضوا فيه قرابة ستة أشهر أخرى... أما بالنسبة لي فقد استدعيت للقاهرة للتحقيق معي بعد ستة أشهر من إقامتي في معسكر رفح. 

الجهاد في حرب القنال

اشترك حسن دوح في حرب القنال كما اشترك كثير من الإخوان، ويقول في ذلك: لقد بدأ التدبير للمعركة في دار الإخوان المسلمين المؤقتة في الضاهر، وقد افتتح الإخوان العديد من مراكز التدريب في الإسماعيلية وأبو كبير والتل الكبير واتخذوا من بيوتهم مراكز لتجميع القوات المحاربة... وعلى الرغم من احتجاجي الكثير على الجهاز السري للإخوان في ممارساته الداخلية، إلا أنني أذكر له دوره العظيم في معركة القناة.

المحن والابتلاءات

تعرض حسن دوح للعديد من المحن والابتلاءات خلال مسيرته الجهادية فقد تعرض للاعتقال أربع مرات:

الاعتقال الأول

يقول: بعد ستة أشهر من اعتقالي في رفح بعد الرجوع من حرب فلسطين، جاءت رسالى عاجلة من النيابة العمومية إلى القوات المسلحة بإرسالي مخفورا إلى القاهرة، ووصلت إلى سجن مصر حيث كان يتجمع عشرات من شباب الإخوان المتهمين في قضايا عديدة، فاستقبلت استقبال الفاتحين وخاصة أنني كنت أرتدي الثياب العسكرية... وعوملت في السجن أفضل معاملة. 

وفي اليوم التالي استدعيت للنيابة وكان يحقق معي أحد رؤساء النيابة المشهورين وكان الرجل حريصا على تبرئتي من الاتهام الذي كان موجها إلي وأنني كنت فردا في خلية سرية فقلت له إنني متغيب عن مصر منذ أكثر من عام.. ونجح الدفاع وتقرر الإفراج عني.. ثم أرسل بي إلى سجن الموسكي حيث قضيت فيه أربعة أسابيع كانت أقسى من معتقلات ما قبل الثورة إلا أنه كان يخالطها كثير من الضحكات المبكيات التي كانت تخفف عنا.

لقد عذبنا في هذه السجون بالنور، فقد ثبت مصباح كهربائي قوة خمسمائة شمعة في سقف زنزانة لا تعرف الشمس إليها طريقا.. لا تطفأ ليلا ولا نهارا.. ولقد حاولنا مرارا كسرها لنعيش في الظلام فهو خير من وهج الضوء.

انتهت فترة سجن الموسكي وحملت إلى معتقل الهايكستب حيث قضيت ستة أشهر مع الآلاف من أمثالي وكان يجاورنا في المعسكر بعض زعماء اليهود الذين كانوا قد اعتقلوا نتيجة للحرب بيننا وبين اليهود في فلسطين.. إلا أنهم كانوا منعمين في معتقلهم وذلك بفضل رشاويهم وقدرتهم على الوصول إلى الجهات العليا.

الاعتقال الثاني

كان هذا الاعتقال في يناير 1954م. يقول حسن دوح: كنت أتوقع أمرا لكني لم أكن أتوهم ما حدث لي تلك الليلة، فقد أغارت على بيتي ثلة من رجال المخابرات وانتزعوني من زوجتي التي لم يكن قد مضى على زواجي منها أكثر من ستة أشهر.. كنت رابط الجأش ثابت الخطى، وأنا أمضي إلى عربة الشرطة العسكرية ومضت بي العربة إلى السجن الحربي 111، لقد ساقوني إلى السجن الحربي وألقوا بي في زنزانة ضيقة كان بها سرير وقلة ماء، وأقفل علي الباب، ولم أكن أسمع ولا أرى ما يجري حولي اللهم إلا أبواب زنزانات تفتح وتغلق، وكان من حسن حظي وفضل الله علي أن جعل القرآن أنيس هذه الآلام.

خرج من المعتقل مع بقية الإخوان بعد مظاهرة عابدين التي قادها الأستاذ عبدالقادر عودة في مارس عام 1954م.

الاعتقال الثالث

وكان بعد إلقائه خطبة بمسجد الروضة بالمنيل في يوم الجمعة السابع والعشرين من أغسطس سنة 1954 وحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات بتهمة محاولة قلب نظام الحكم بتحريض الناس باستعمال آلات مكبرة.

الاعتقال الرابع  

بعد خروجه سعى لإيجاد عمل، فعمل فترة في الاتحاد القومي ثم في صحيفة أخبار اليوم غير أنه يوم 27 أغسطس 1965م تم اعتقاله وظل بالمعتقل حتى نوفمبر عام 1967م، ومن يومها ظل يعمل في هذا المجال.

ما بعد المحنة

بعد خروجه من المحنة عاد لعمله وظل يكتب في أخبار اليوم والأهرام، وسافر لبريطانيا والكويت، ثم استقر في مصر بعد ذلك.

تراثه الفكري

له ديوان: « بروحي أنت » - طبعة خاصة -1995.

- كما أن له قصة واحدة: «أبودومة والحرامية»

- وله عدد من المقالات السياسية والإسلامية نشرت في صحف ومجلات مصرية، بالإضافة إلى عدد من المؤلفات، منها:

«لا تنم فالعدو لا ينام»، «حوار مع الأجيال»، «25 عامًا في جماعة الإخوان»، «حوار مع الشباب حول القرآن»، «آلام وآمال على طريق الإخوان»، «الفتنة الصدامية الكبرى»، «الإرهاب المرفوض والإرهاب المفروض»، «حوار مع 30 من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم»، «رسائل من شباب الأمس إلى شباب اليوم»، «أين ربكم يا مسلمون؟ - مأساة المسلمين في البوسنة والهرسك»، «الفرار الى الله أو الفرار من الله».

 

وفاته

توفي الأستاذ حسن دوح في أكتوبر من عام 2001م الموافق شهر شعبان لعام 1422هـ‏.