قبيل حرب حزيران.. حيث جلسا مع رئيس وزرائه السيد جورج بومبيدو وبدأ الاجتماع بين الرجلين فيصل وديجول ومترجم:

 قال ديجول: يتحدث الناس أنكم يا جلالة الملك تريدون أن تقذفوا بإسرائيل إلى البحر وإسرائيل هذه أصبحت أمراً واقعاً ولا يقبل أحد في العالم رفع هذا الأمر الواقع.

أجاب الملك فيصل:

يافخامة الرئيس أنا أستغرب كلامك هذا حيث إن هتلر احتل باريس وأصبح احتلاله أمراً واقعاً وكل فرنسا استسلمت إلا (أنت) انسحبت مع الجيش الإنجليزي وبقيت تعمل لمقاومة الأمر الواقع حتى تغلبت عليه فلا أنت رضخت للأمر الواقع، ولا شعبك رضخ.. فأنا أستغرب منك الآن أن تطلب مني أن أرضى بالأمر الواقع!!!

والويل يافخامة الرئيس للضعيف إذا احتله القوي... وراح يطالب بالقاعدة الذهبية للجنرال ديجول أن الاحتلال إذا أصبح واقعاً فقد أصبح مشروعاً.

دهـش ديجول من سرعة البديهة والخلاصة المركزة بهذا الشكل، فغير لهجته وقال:

يا جلالة الملك يقول اليهود إن فلسطين وطنهم الأصلي، وجدهم الأعلى إسرائيل ولد هناك.

 أجاب الملك فيصل:

فخامة الرئيس أنا معجب بك لأنك متدين مؤمن بدينك وأنت بلا شك تقرأ الكتاب المقدس... أما قرأت أن اليهود جاءوا من مصر!!؟ غـزاة فاتحيـن... حرقوا المدن وقتلوا الرجال والنساء والأطفال... فكيف تقول بأن فلسطين بلدهم، وهي للكنعانيين العرب، واليهود مستعمرون وأنت تريد أن تعيد الاستعمار الذي حققته إسرائيل منذ أربعة آلاف سنة؟؟!!

فلماذا لا تعيد استعمار روما لفرنسا الذي كان قبل ثلاثة آلاف سنة فقط!!؟

أنصلح خريطة العالم لمصلحة اليهود، ولا نصلحها لمصلحة روما!!؟

ونحن العرب أمضينا مائتي سنة في جنوب فرنسا في حين لم يمكث اليهود في فلسطين سوى سبعين سنة ثم نفوا بعدها.

قال ديجول: ولكنهم يقولون إن أباهم ولد فيها!!!...

أجاب الفيصل:

غريب!!! عندك الآن مائة وخمسون سفارة في باريس وأكثر السفراء يولد لهم أطفال في باريس.. فلو صار هؤلاء الأطفال رؤساء دول وجاءوا يطالبونك بحق الولادة في باريس!!

فمسكينة باريس!! لا أدري لمن ســـتكون!!؟

سكت ديجول، وضرب الجرس مستدعياً (بومبيدو) وكان جالساً مع الأمير سلطان ورشاد فرعون في الخارج.

وقال ديجول: الآن فهمت القضية الفلسطينية.

أوقفوا السـلاح المصدر لإسرائيل.. وكانت إسرائيل يومها تحارب بأسلحة فرنسية وليست أمريكية.

 

يقول الدواليبي:

واستقبلنا الملك فيصل في الظهران عند رجوعه من هذه المقابلة

وفي صباح اليوم التالي ونحن في الظهران استدعى الملك فيصل رئيس شركة التابلاين الأمريكية، وكنت حاضراً (الكلام للدواليبي)

 وقال له: إن أي نقطة بترول تذهب إلى إسرائيل ستجعلني أقطع البترول عنكم

ولما علم الملك رحمه الله بعد ذلك أن أمريكا أرسلت مساعدة لإسرائيل قطع عنها البترول.

وقامت المظاهرات في أمريكا ووقف الناس مصطفين أمام محطات الوقود وهتف المتظاهرون: نريد البترول ولا نريد إسرائيل.

وهكذا استطاع هذا الرجل (الملك فيصل يرحمه الله) بنتيجة حديثه مع ديجول وبموقفه البطولي في قطع النفط أن يقلب الموازين كلها.

--------------------------------------

المصدر: منتدى فلسطين نت