الداعية سعيد حوى رجل الفكر والتربية

سعيد بن محمد ديب حوّى النعيمي، داعية إسلامي بارز، مفكّر، مفسر، أحد قادة الدعوة في سوريا، برز اسمه في ساحة الفكر الإسلامي من خلال العديد من الكتب التربوية التى كانت تستهدف بصفة أساسية أبناء مدرسة الاعتدال مثل: تربيتنا الروحية، وسلسلة جند الله، وغيرها، والتى كانت نبراسا؛ مضيئا؛ لأبناء مدرسة الاعتدال.

النشأة والشخصية

هو سعيد بن محمد ديب بن محمود حوى النعيمي نسبا؛ الحموي مولدا؛.. ولد الشيخ رحمه الله في 27/ أيلول/ 1935 في مدينة حماة وسط سوريا، ونشأ في رعاية أسرة متديّنة مجاهدة، وكان أبوه من خيرة المجاهدين ضد الاستعمار الفرنسي، توفيت والدته وهو في الثانية من عمره فتربى في حجر جدّته وكانت مربية صارمة يحبّها وتحبّه.

عاصر في شبابه أفكار الاشتراكيين والقوميين والبعثيين والإخوان المسلمين واختار الله له الخير بالانضمام إلى الإخوان المسلمين سنة 1952م، وهو في الصف الأول الثانوي، وقد درس على يد عدد من المشايخ في سوريا في مقدمتهم: شيخ حماة وعالمها الشيخ محمد الحامد، والشيخ محمد الهاشمي، والشيخ عبدالوهاب دبس وزيت، والشيخ عبدالكريم الرفاعي، والشيخ أحمد المراد، والشيخ محمد علي المراد.

والتحق بجامعة دمشق بعد انتهاء المرحلة الثانويّة، وتخرج في كلية الشريعة سنة 1381 -1961 ودرس فيها على الشيخ مصطفى السباعي، ومصطفى الزرقا، ومعروف الدواليبي وغيرهم من العلماء، وأنهى الجامعة عام 1961م ودخل الخدمة العسكرية سنة 1963م ضابطا؛ في الاحتياط وتزوج سنة 1964م، ورزقه الله بأربعة أولاد.

تأثّر بفكر (جماعة الإخوان المسلمين) وانضمّ إليها في بداية الخمسينيات، وتفاعل مع مواقفها السياسيّة والاجتماعيّة.

نشاطه السياسيى والحركى

للشيخ الكثير من المشاركات السياسية الهامة المؤثرة في التاريخ المعاصر، أهمها:

- المشاركة في بيان الدستور في سوريا منذ 1973 وسجن على أثره خمس سنوات وكان هدف البيان المطالبة بإسلامية سوريا ودستورها.

- المشاركة في قيادة الإخوان المسلمين في سوريا (79- 82).

- المشاركة في قيادة التنظيم الإخواني العالمي (82- 84).

- المشاركة في قيادة الإخوان في سوريا (85- 87).

- المؤتمر الشعبيّ الإسلامي في بغداد سنة 1985 وكان هدفه العمل على إيقاف الحرب العراقية الإيرانية.

- زيارات متعددة لأقطار العالم الإسلامي مثل باكستان، مصر، والمشاركة بمؤتمرات عالمية في ألمانيا وأمريكا.

جولاته الدعوية

كانت له زيارات متعددة إلى كثير من البلاد العربية والإسلامية والأوروبية والأمريكية، وقد زار باكستان أكثر من مرة حيث قابل الإمام أبوالأعلى المودودي في الزيارة الأولى واستفاد من توجيهاته وإرشاداته في مجال الدعوة الإسلامية والعمل الجماعي، وفي الزيارة الثانية لباكستان حضر تشييع جنازة المودودي، ثم ذهب إلى لاهور حيث التقى قادة المجاهدين الأفغان وحثّهم على التعاون والعمل المشترك ونكران الذات وإخلاص النية لله تعالى وجعل الجهاد خالصا؛ لوجه الله وفي سبيله وألا يكون للنفس فيه حظ.

وفي أواخر شهر مايو سنة 1979م سافر إلى إيران ضمن وفد إسلامي، حيث التقى الخميني ووزير الخارجية آنذاك إبراهيم يزدي وكمال خرازي وقام بشرح حقيقة ما يجري في سوريا، وناشدهم حق الأخوة الإسلامية نحو إخوانهم المسلمين في سوريا.

ملامح عامة لفكر الشيخ

تميز فكر الشيخ وأسلوبه بجملة من المميزات، أهمها:

1 - كان يركز دائما؛ على ضرورة وجود الشخصية الإسلامية التي تمتلك الثقافة المعاصرة والمتوازنة واستجمعت الخصائص النبوية، معتبرا؛ أن سر نجاح العمل الإسلامي هو وجود هذه الشخصيات التي من مجموعها تتكون الجهة المستشرفة المؤهلة للتخطيط والتنظيم.

2 - كان دائم التأكيد على أهمية رسم الخطط في الشؤون الصغيرة والكبيرة، فهو لا يؤمن بعمل لا ينبثق عن خطة محكمة وتخطيط سليم.

3 - إيمانه بضرورة الحركة الدائمة وأن أي جمود في الحركة يبطلها ويقتلها وهذا يقتضي قوة مبادرة واستباق واستشراف للأحداث وتقويم مستمر للعمل وسرعة بديهة في التعامل مع المستجدات.

4 - كان يركز على أن النجاح في أي عمل لا يتم إلا من خلال التلاحم والتفاهم والتكامل في القيادات وسيادة روح الإخاء والمحبة في علاقات بعضها ببعض، وعلاقات الأفراد بها.

5 - أولى الشيخ المسجد أهمية خاصة في الدعوة، حيث يعتبره منطلق الدعوة الأول ومحور نشاط المسلم ومرتكز حياة الأفراد، وكان من أحب الأشياء إليه خدمة الناس عموما؛، وإخوانه وتلاميذه خصوصا؛ معتبرا؛ ذلك أساسا؛ لابد منه لأي داعية ناجح ولأي عمل إسلامي معاصر.

6 - تكاملت شخصية الشيخ رحمه الله فكان يجمع إلى جانب الدعوة إلى الله التحرك السياسي الدائم المناسب والعمل الشرعي المحقق والتصوف السني المحرر من الشوائب المنضبط بالكتاب والسنة وضمن اجتهادات أهل العلم الراسخين.

مؤلفاته

لقد تميزت مؤلفات الشيخ بالتكامل، وقدم من خلالها نظرية صالحة وكاملة في العمل الإسلامي ثقافة وبناء وتربية ومنهجا؛ وفقها؛؛ فوضع العديد من السلاسل العملية المتكاملة تحت عنوان دراسات منهجية هادفة، فكان منها:

أ - سلسلة الأساس في المنهج وصدر منها:

1 - الأساس في التفسير 11 مجلدا.

2 - الأساس في السنة 14 مجلدا.

ب - سلسلة التربية والتزكية وصدر منها:

1 - تربيتنا الروحية.

2 - المستخلص في تزكية الأنفس.

3 - مذكرات في منازل الصديقين والربانيين.

ج - سلسلة الأصول الثلاثة:

1 - الله جل جلاله.

2 - الرسول صلى الله عليه وسلم.

3 - الإسلام.

د - سلسلة فقه الدعوة والعمل الإسلامي وصدر منها:

1 - المدخل إلى جماعة الإخوان المسلمين.

2 - جند الله ثقافة وأخلاقا.

3 - جند الله تخطيطا.

4 - جند الله تنظيما.

5 - دروس في العمل الإسلامي.

6 - جولات في الفقهين الكبير والأكبر.

7 - فصول في الإمرة والأمير.

8 - في آفاق التعاليم.

9 - كي لا نمضي بعيدا عن احتياجات العصر. (11 رسالة).

10 - هذه تجربتي وهذه شهادتي.

11 - من أجل خطوة للأمام على طريق الجهاد المبارك.

قالوا عن الشيخ رحمه الله:

يقول الأستاذ عدنان سعد الدين "رحمة الله عليه": "للفقيد رحمه الله ميزات وخصائص لا تسعها مقالة أو افتتاحية أو كلمة رثاء لذا سأقتصر على ثلاثة معالم:

المعلم الأول:

أضحى فقيدنا رحمه الله رمزا لصلابة الشعب المجاهد في سوريا وثباته وصبره وتصميمه على تحرير نفسه وتطهير أرضه...

المعلم الثاني:

ما طرحه الشيخ الفقيد من حلول لمشكلات العصر وما قدمه من أفكار وما انتهى إليه من استنباطات فقهية واستدلالات شرعية وما كشف عنه من كنوز ثمينة في دراساته المتنوعة.. كل هذا دليل على صلاحية الإسلام لكل عصر وأن الإسلام هو الحل وهو العلاج لمشكلاتنا المعقدة وأمراضنا المستعصية وفيه الخلاص من الأزمات وبه تتحقق آمال الأمة وأهدافها العظيمة وغاياتها الكبرى.

المعلم الثالث:

في شخصية الشيخ سعيد رحمه الله برهان على صلاحية المدرسة التي تخرج فيها وقدرته على التجديد والعطاء فهو تلميذ مدرسة الإخوان التي أسسها وأنشأها وبنى أركانها الإمام البنا مجدد القرن الرابع عشر الهجري رحمه الله وأحد ثمراتها وفرع من أصولها وغصن يانع من أغصانها، التزم بنهجها واعترف بفضلها وتغذى برحيقها وظل وفيا لمبادئها حتى آخر أيامه يعتز بالانتماء إليها وإلى قائدها الإمام الشهيد حسن البنا رحمه الله.

مرضه ووفاته

في سنة 1987م أصيب بشلل جزئي إضافة لأمراضه الأخرى الكثيرة: السكري والضغط وتصلب الشرايين والكلى ومرض العيون، فلجأ للعزلة الاضطرارية وفي يوم 14/12/1988م دخل في غيبوبة لم يصح منها، حيث توفاه الله ظهر الخميس 9/3/1989م في المستشفى الإسلامي بعمان.

(1)

(2)