الشيخ محمد الغزالي

 الدعوة ليست طريقها العنف

كانت الأمصار الإسلامية فى العهد الأول تضم طوائف من أهل الكتاب والمشركين بقيت على عقائدها وتقاليدها، وقد ضاق بهذا الوضع بعض الناس، لاسيما إذا ترك آثاره على الآداب العامة، وتساءل: ما يصنع بإزائه؟.

روى البخارى فى كتاب الاستئذان ـ من صحيحه ـ قال سعيد بن أبى الحسن للحسن: إن نساء العجم يكشفن صدورهن ورءوسهن! قال: اصرف بصرك (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم). 

وقد تململ بعض الشباب وأنا أنقل عن البخارى هذا القول وصاح: ليس هذا ما تعلمناه! ما تعلمناه أن المرأة المتعرية أو المتبرجة فى الشارع تسحر الناس بجمالها، وقد قال الفقهاء: إن الساحرة تقتل، فهذه أيضا تقتل! بل إن المستعلنة بالفاحشة يجوز قتلها دون إذن الإمام.. !!. قلت: هذا كلام ما سمعته طوال حياتى، وما قرأت لفقيه فى المتقدمين أو المتأخرين فتوى أو قياسا من هذا النوع، هذا رأى فوضوى وليس اجتهادا فقهيا...!!. قال: أيسرك أن تكون الشوارع معرض فتنة تزلزل العفاف على النحو الذى نشهد؟. قلت: ما يسرّ هذا مؤمنا، ولكن علاج هذا الخلل ما يكون بإرخاص الدماء على الطريقة التى ذكرتها، 

أين التعليم؟ والتربية؟ والأسوة الحسنة؟ والحكمة فى فطام الناس عما ألفوا؟ وشرح صدورهم بالحق حتى يعتنقوه عن رضا ومحبة؟. إنكم تجهلون طبائع الشعوب وأثر البيئات فى مسالك الأفراد وتحاولون فتح القفل بغير مفتاحه ولو انكسر وفسد الأمر كله!. قال: كيف هذا؟ إننا نريد محو الفجور.. قلت: المرأة فى الهند تتوارث لباسا يكشف عن خصرها، والمرأة فى أوروبا تتوارث لباسا يكشف عن رأسها،  وأحيانا عن أطرافها.. وليست كل واحدة مشت مع هذه المواريث تريد الرذيلة أو تبغى الفتنة، ربما كانت خالية البال، وربما كانت سيئة.

والعمل الصحيح هو نشر العقيدة أولا ثم بناء الخلق والسلوك على دعائمها.. والعقيدة لا تنشر بفتاوى القتل، واستباحة الناس!. قال: نحن نعالج مجتمعنا الذى تحلل من قيوده! قلت: تعنى أن نرخص دماء المنتسبين إلى الإسلام، ونصون غيرهم؟ إذا كنتم لا تحسنون الدعوة إلى الله، فدعوا ذلك لمن يحسنه. 

إن منطق قطاع الطريق لا يسمى فقها، والحرص على اتهام الآخرين بالإثم ليس غيرة على الدين.