جورج: طلب مني الجنرال ديجول أن أجتمع بك لتفهمني القضية السورية.

الدواليبي: أنا أعرفك، أنت مدرس ثانوي، ناضلت الاحتلال الألماني، وبرعت في مقاومته، ومن ساحة النضال تعرف عليك الجنرال ديجول وأعجب بك، وأعرفك بنفسي، فأنا جندي مجهول يقاوم احتلال فرنسا لبلده، وأنت جندي قاومت الألمان لما احتلوا بلدك، فكلانا قاوم الاحتلال.

جورج: نعم هذا صحيح، وبقينا خمس سنوات نقاوم الاحتلال الألماني حتى رحل عن فرنسا.

الدواليبي: أما نحن فمنذ (ربع قرن) نقاوم الاحتلال الفرنسي ولم يرحل عن بلادنا.

جورج: أعلنت إنكلترا وأمريكا استقلال سوريا بعد ثورة العراق (1941) دون أن يستشيروا الجنرال ديجول، والآن اعتقلوا جيوشنا في سوريا، ويدعوننا إلى الاجتماع معهم وديجول يرفض لأنهم لم يستشيروه عام (41). ويطلب اجتماع خماسي (السوفيات والصين معهم).

الدواليبي: أنتم ترفضون الاجتماع الثلاثي، وسوف تخرجون من سوريا، سواء مع الاجتماع الثلاثي، أو الاجتماع الخماسي، أليس كذلك؟

جورج: نعم.. نحن نريد الخروج.

 الدواليبي: وعندما تخرجون باجتماع خماسي، جعلتمونا مدينون لأربعة بلدان، وسوف يبتزون منا مساعدتهم لنا، وكذلك بالاجتماع الثلاثي، وسوف ينسبون فضل انسحابكم لهم، ويدعون أنهم هم الذين حرروا سوريا منكم.

جورج: هذا صحيح!!!  لكن ماذا نفعل؟

الدواليبي: مادمتم تريدون الانسحاب، إذن تستطيعون الانسحاب بدون اجتماع ثلاثي ولا خماسي، ولا تتركون لأحد أن يتدخل في سياستكم... ولا يبتزنـا ويضع المنـة في أعناقنا.

جورج: كيف؟

الدواليبي: تعلنون قرار الانسحاب من سوريا، وتعترفون باستقلال سوريا، وتقدمون معدات الجيش الفرنسي هدية للجيش السوري، دونما حاجة إلى اجتماع ثلاثي أو خماسي.

جورج: فكرة طيبة، سأعرضها على الجنرال ديجول. وسأدافع عنها. وانتظر مني هاتفاً غداً.

وفي اليوم التالي هتف جورج بومبيدو:

جورج: ياصديقي معروف، وافق الجنرال ديجول على الفكرة، بل سـر بها، وكلف الكونت (سترلو) بالسفر إلى بيروت ليعلن من هناك استقلال سوريا دون قيد أو شرط ولا مفاوضات.

الدواليبي: يا سيدي لا يقبل السوريون استقلالهم دون استقلال لبنان، فقد كان احتلال لبنان وسوريا معاً، وينبغي استقلال سوريا ولبنان معاً، وأنصح أن يكون ذلك.

جورج: سأنقل ذلك للجنراك ديجول.

وعاد بومبيدو إلى ديجول، ووافق ديجول، وهكذا انسحبت فرنسا عن سوريا ولبنان، بجهود الدكتور محمد معروف الدواليبي، بعد جهود المجاهدين البررة الذين قدموا أرواحهم لله سبحانه وتعالى من أجل استقلال أوطانهم، بدءاً من يوسف العظمة، وحتى هنانو، مروراً بثورة حماة المجاهدة، التي قال عنها (باجيت) القائد العام للجيوش البريطانية في الشرق الأوسط: في كل مكان في سوريا كنا نحمي الشعب السوري من الجيش الفرنسي، ماعدا حماة فقد كنا نحمي الجيش الفرنسي من الشعب الحموي

-----------------------

المصدر: رابطة أدباء الشام