عصام العطار شخص جمع بين القيادة الحركية، والخطابة المفوهة، والشاعرية المفرطة فى الإنسانية، وهو المجاهد الذي لم تغيره الأيام, والصابر رغم قسوة المحن، وهو السياسي، والداعية الإسلامي الكبير الذي نذر نفسه لبيان الحقيقة، وإرشاد الأمة، وقول الحق في وجه الطغاة.

شغل منصب المراقب العام للإخوان المسلمين في سوريا، تعرض لعدة محاولات للاغتيال، فكان ثابتاً على طريقه الذى اختطه لنفسه وهو مقاومة الطغاة والاستبداد.

ولادته ونشأته:

ولد عصام محمد رضا العطار في دمشق عام 1927م، في أعقاب الثورة السورية. ونشأ في ظلِّ أسرة سورية لها مكانة اجتماعية متميزة، فعائلته عريقة، عُرفت بالتقوى والعلم، فكان والده العالم محمد رضا العطار من رجال القضاء الشرعي والعدلي في سوريا المشهود لهم بالعلم والفضل وحسن السمعة، وكان رئيساً لمحكمة الجنايات في يوم من الأيام، وكان من محبي ومناصري السلطان عبد الحميد، وقد شارك في محاربة الاتحاديين، فحكم عليه بالإعدام، فهرب، وعاش سنوات بين القبائل العربية في جبل الدروز.

وعصام هو شقيق الدكتورة نجاح العطار نائبة الرئيس السوري للشؤون الثقافية والإعلامية. وعائلة العطار اشتغلت بعلوم الحديث، وسميت بهذا الاسم لاشتغالها بتجارة العطر.

طفولته:

كانت نشأته في أسرة علم سبباً في لسانه العربي الرصين بدون تكلف، ويحكي الأستاذ عصام العطار عن طفولته، فيقول: تعودت الخطابة وأنا في المدرسة الابتدائية، وكانوا في إدارة المدرسة إذا زارنا وفد من مدرسة أخرى، وتكلم بعض أساتذتها، طلبوا إلي، بل وألحوا علي أن أرد على غير رغبة مني باسم الإدارة والأساتذة والطلاب جميعاً. وفي الثانية عشرة من عمره تعرف على مجلة الرسالة التي أصدرها أحمد حسن الزيات في القاهرة سنة 1933م، وكان يكتب فيها شيوخ الأدب ورواد العلم، واشترى بعض أعدادها القديمة من إحدى المكتبات، فقرأ للرافعي والزيات والمازني وطه حسين وأحمد أمين والعقاد، وغيرهم، وفي مجلة الرسالة قرأ لعلي الطنطاوي وأعجب به وبما قرأ له.

ثقافته:

أما ثقافته، فكان للقرآن نصيب من تربية عصام العطار، وقد حفظ بعض المتون مثل ألفية ابن مالك في النحو والصرف، وحفظ متن الزبد حيث كان أجداده من أئمة الشافعية في بلاد الشام.

تعلم في دمشق، وقد حاز العديد من الجوائز في المدرسة الابتدائية، وتلقى دروساً في حلقات العلم على أيدي شيوخ الشام الأفذاذ، حيث درس على الألباني علوم الحديث، وحضر في المعهد العربي الإسلامي بدمشق، ثم أكملها بمطالعاته الخاصة الواسعة.

العطار والعمل الإسلامي:

كانت أول صلة له بالإخوان المسلمين بدأت بشباب سيدنا محمد، وهي جمعية من الجمعيات التي كونت الإخوان المسلمين فيما بعد، وتعرف على الأستاذ مصطفى السباعي سنة 1945م أو سنة 1946م، ولمح منه الأستاذ السباعي التميز، فقدمه، وأوكل إليه مهمات لا تتاح إلا للمشايخ ذوي الثقة والخبرة والقدرة على التأثير. وفي سنة 1951م هاجم العطار الحكم الاستبدادي للشيشكلي، فصدر أمر اعتقاله، فنصحه المقربون منه وأجبروه على الخروج إلى مصر، وفي مصر أحسن الإخوان استقباله، فقابله الإمام حسن الهضيبي، والأستاذ عبد القادر عودة، وتعاون مع الإخوان في مصر في اللجنة التوجيهية للإخوان، وكان مقرر اللجنة الأستاذ عبد العزيز كامل، وقابل الأستاذ عصام العطار في مصر الشهيد سيد قطب، والبشير الإبراهيمي، ومحمود شاكر، وعبد الوهاب عزام، وكانت حياته غنية تركت أثرها في سيرته فيما بعد.

دوره في الحركة الإسلامية في سوريا:

أصدر الإخوان المسلمون في سوريا جريدة (المنار) الناطقة بلسانهم, وكان عصام العطار "أبو أيمن" من أبرز المشرفين عليها. وفي زيارة الإمام حسن الهضيبي لسوريا عام 1954م، اختير الأستاذ عصام العطار ليكون مرافقاً له في هذه الرحلة، كما رافقه الأستاذ محمد الحامد، والمجاهد مصطفى السباعي، وكان معه من إخوان مصر الأستاذ سعيد رمضان، والأستاذ صالح أبو رقيق، وخلال زيارة المستشار الهضيبي أسس المكتب التنفيذي للإخوان المسلمين في البلاد العربية، وكان يمثل سوريا فيه بشكل طبيعي مصطفى السباعي، وعصام العطار.

- انتخب العطار عضواً في المكتب التنفيذي لجماعة الإخوان المسلمين عام 1954م, وقاد المظاهرات الحاشدة احتجاجاً على الاستبداد الناصري الذي أعدم الدعاة عام 1954م. وفي سنة 1955م عقد مؤتمرا في دمشق ضمّ شيوخ سوريا الكبار: الأستاذ محمد المبارك، ومعروف الدواليبي، ومصطفى الزرقا، وكل الجمعيات الثقافية الإسلامية، وفي هذا المؤتمر اختير عصام العطار أميناً عاماً لهيئة المؤتمر الإسلامي، وكان وقتها في الهيئة التشريعية والمكتب التنفيذي للإخوان، وعضواً في مكتب دمشق للجماعة. وفرضت الظروف أن يتكون المكتب التنفيذي للإخوان في حلب، وقد اختير الأستاذ عصام العطار ممثلاً ومتحدثاً باسم الجماعة، فكان من الناحية الفعلية يحمل مسؤولية المراقب العام، والمكتب التنفيذي، في وقت واحد.

وعقب وفاة الدكتور مصطفى السباعي اختير الأستاذ عصام العطار مراقبا للإخوان فى سوريا، وهو فى منفاه، وحاول مرات عديدة الاعتذار والتخلي عنه عقب مرضه بالشلل فى بروكسيل إلا أن اعتذاره رفض، فاستمر مراقبا للإخوان فى سوريا حتى 1973م. وبعد انفصام الوحدة بين مصر وسوريا وعودة الإسلاميين للعمل الحزبي، أجمع الإسلاميون في عام 1961م على ترشيح الأستاذ عصام العطار في الانتخابات البرلمانية، فخاض الانتخابات النيابية على رأس قائمة إخوانه، ففاز بالنيابة عن دمشق فوزاً ساحقاً تجاوز فيه السياسيين الكبار، ثم صار أميناً عاماً للكتلة التعاونية الإسلامية في البرلمان السوري. وانتخب ناظم القدسي رئيساً لسوريا، والدواليبي رئيساً للوزراء، وطلب من عصام العطار المشاركة في الوزارة لكنه رفض. تعرض لمحاولة اغتيال في سوريا عام 1963م، وكان في بيت علي الطنطاوي، ولكن المحاولة باءت بالفشل، لعدم وجوده بالمنزل.

 محاولات اغتياله في ألمانيا:

كان دائم التنقل داخل ألمانيا، لأن الحكومة الألمانية نصحته بأن مسلحين كانوا يطاردونه، ويريدون قتله، وبقي أكثر من سنة ونصف قلقاً على حياته في ألمانيا، ولكنهم نجحوا في اغتيال زوجته بنان علي الطنطاوي، أم ولديه: أيمن، وهادية، وكان ذلك في 17/3/1981م

رفض العودة إلى سوريا:

دعاه الرئيس السوري حافظ الأسد للعودة إلى سوريا معززاً مكرماً، وقابله السفير السوري سليمان حداد من أجل ذلك الغرض، ولكنه رفض أن يطلب شيئاً لشخصه، وطالب بالحرية لوطنه وشعبه، وعندما عين الرئيس بشار الأسد نجاح العطار نائبة له، عرضت عليه العودة، فرفض.

موقفه من ثورات الربيع العربى 2011م:

أيد الثورة التونسية، وأصدر بياناً يؤيد فيه الثورة المصرية، ووجه عدة نداءات يدعو فيها الشعب السوري الثائر إلى سلمية الثورة، والبعد عن الطائفية، وعدم الاستقواء بالأجنبي. بقي على علاقة مودة مع قادة الإخوان، ولكنه آثر العمل الإسلامي بشكل عام بعيداً عن الأحزاب. أجرى معه أحمد موفق زيدان مقابلة في برنامج (لقاء اليوم) أكد فيه أن: الإخوان لحمي ودمي، وقادتهم من تلاميذي، ولكني أحب العمل الإسلامي، ولا أنظر إلى مصلحة الإسلاميين بمعزل عن مصالح غيرهم. ونصح الإسلاميين بسعة الصدر، وقراءة الواقع بشكل صحيح، ورفض استبداد الحكام، ورفض التدخل الأجنبي، ودعا لمواجهة التحديات العالمية الكبرى.

شارك في مؤتمر المعارضة السورية الذي عقد في إستانبول، وألقى فيه كلمة، وترأس ذلك المؤتمر هيثم المالح.

موهبته الأدبية

نظم الشعر فى مرحلة مبكرة من حياته، وله قصائد شعرية يبث فيه مكنون صدره فى كلمات معبرة عن أحاسيسه ومشاعره، ولم يكن العطار شاعراً محترفاً إلا أن له نفثات شعرية ضمنها فكره وهموم الإسلام والمسلمين، وقد جاء شعره صورة صادقة له في تواضعه وإبائه، وكفاحه المستمر، والتزامه لحدود الإسلام وجهاده في سبيله.

مؤلفاته

كـلـمـات (جزأين) - من بقايا الأيام (جزأين)، التلميذ الناشئ والشيخ الحكيم - الجزء الأول -،

آراء ومواقف في قضية فلسطين، قصيدة ثـورة الحـق، رحيل – شعر، سطور من رسالة إلى الإخوة الأحبة في الشام.

الكتيبات التالية مجموعة في كتاب من بقايا الأيام الجزء الأول والثاني:

التبعية للشرق والغرب والتميز بالإسلام، رسالة الى الإخوة المؤمنين، أزمة روحية، الغياب الإسلامي المذهل.

 

**********

المراجع

الموسوعة الحرة: عصام العطار

عصام العطار: القائد الملهم والشاعر الموهوب، عمر محمد العبسو، موقع رابطة أدباء الشام.

عصام العطار: جهاد وغربة، أشرف عيد العنتبلي، موقع إخوان ويكي (ويكيبيديا الإخوان المسلمين)