كتاب: تجديد الفكر الإسلامي (1-3)

المؤلف: الدكتور حسن الترابى

دار القرافي للنشر والتوزيع – المغرب

الطبعة الأولى: 1993

عدد الصفحات: 116

 محتويات الكتاب

1 -الفكر الإسلامي هل يتجدد، العلل الثلاث، الانقطاع عن الأصل، العكوف على الفروعية، خلل فى ترتيب الأولويات، الشكلية والباطنية، دور العلوم العقلية، منهج واقعي، الكلمة للمسلمين والإجماع.. إجماعهم، هذا هو الإجماع

2- تجديد الفكر الإسلامي

3- تجديد أصول الفقة الإسلامي، تقديم، أصول الفقة وحركة الاسلام فى الواقع الحديث، الأصول الفقهية بين الخاصة والعامة، من تاريخ منهج الأصول، أصولٌ ضوابط للفقه الاجتهادي، الحركة الفقهية من طور التجميد إلى التجديد.

4 – الدين والتجديد: مثار قضية التجديد الديني، الدين: توحيد المثال والواقع، الدين: ثبات وتطور، دواعى التجديد الديني، دورة التجديد الديني، الأصولية والسلفية والتجديد، أحوال فى ظاهرة التجديد، حركة التجديد المعاصرة.

5 –الحركة الإسلامية والتحديث، مدخل، الدين الثابت والتدين المتطور، عبرة فى تتابع الرسالات السماوية، حركة التدين تلاحق أقدار الله المتقلبة، التاريخ الحضارى الإسلامي بين التقليد والتجديد، ضعف العقيدة وجمود الفكر الإسلامي، انحطاط الواقع وجمود الحياة الإسلامية، من أسباب التدهور والانحطاط، من ثورة التجديد الحضارى إلى الثورة السياسية.

القضايا الأساسية في الكتاب

الكتاب عبارة عن مجموعة من الرسائل والمحاضرات كتبها المؤلف أو ألقاها في مناسبات مختلفة – وقد جاء هذا الكتاب في خمسة فصول تتناول جميعها موضوع التجديد وقضاياه من زوايا مختلفة، ولكنها تصبّ في نفس الاتجاه وتعزز نفس الفكرة، ألا وهى ضرورة التجديد فى الفكر والفقة الإسلامى ومتطلبات ذلك، وهذه الفصول هي:

1- الفكر الإسلامي.. هل يتجدد

2- تجديد الفكر الإسلامي

3- تجديد أصول الفقه الإسلامي

4- الدين والتجديد: مثار قضية "من التجميد إلى التجديد"

5- الحركة الإسلامية والتحديث

المنطلقات الأساسية لضرورة تجديد الفكر الإسلامي

ينطلق الترابى من دعوته للتجديد ببيان واقع الفكر الإسلامي فيرى الترابى أن الفكر الإسلامي فى الفترات الأخيرة قد أصابه عدد من العلل التى أضعفته ويتناول تلك العلل من ثلاثة وجوه هى:

أولاً: كان ينبغي أن يتفاعل الفكر الإسلامي وأن يتصل بالأصول الخالدة، إلا أنه بتقادم العهد انقطع عن هذه الأصول شيئاً ما.

ثانياً: هو فكر يتأثر بالعلوم والمعارف العقلية.

ثالثاً: هو فكر ينبغى أن يتكيف بالواقع ويتأثر به، والواقع يؤكد أن الفكر الإسلامي قد انقطع عن حياة الناس وأصبح فكراً مجرداً...ويقول الترابي: هذه وجوه العلة فى الفكر الإسلامي والتى سأتناول بالتفصيل واحدة بعد الأخرى[1]

وفى موضع آخر يوضح الترابى الفرق بين الفقيه والمفكر فيقول: فالفقيه الإسلامي هو الملتزم للأصول، أما المفكر الإسلامي فيتصورون أنه الرجل المنطلق على هواه.. وإذ ننتقد هذا التصور ننتقد الذين لا يهمهم أن يكونوا قليلى الحظ من القرآن والسنة ويحلو لهم أن يفكروا فى الإسلام بغير مرجع إلى كتاب أو إلى سنة الرسول، فالتجديد ينبغى أن يكون عودة إلى الأصول[2]..ويرى الترابى أن العالم الإسلامي يعانى من خلل فى ترتيب الأولويات، فهناك أمور صغيرة كثيرة يطلق عليها.. هذا حرام، هذا كفر، وذلك اجب وهذا فرض، وإذا لم تفعل ذلك فلست مسلما. اختلت الأولويات لأننا ننظر هذه النظرة الفروعية[3]

ويشير الترابى إلى أنه ينبغى أن ننظر إلى الإسلام من حيث فروعه، ومن حيث أصوله، فإذا اجتهد المجتهد وإذا نظر الناظر إلى بناء الإسلام السياسى ينبغى أن يأخد أولاً الآيات الكلية والأحاديث الكلية، وعندما يمضى فى التفصيل ينبغي أن ينضبط بالأحكام الفرعية الفردية التى ترد فى هذه الشؤون حتى يكمل البناء وحتى يسلم الاتجاه، ولا يأذن لهواه أن يتدخل بين القاعدة الكلية وبين التفصيل.ويخشى الترابي نتيجة لرد الفعل أن يطرأ فكر إسلامي جديد يجنح للتعميم، يتحدث عن النظام وعن الكليات وعن العنوانات، ولا يكاد يهتم أبدا بتفاصيل الإسلام وبفروعه الفقهية التقليدية التى تبدأ بالمريد أو بالتلميذ من أحكام الطهارة والوضوء والصلاة.. ثم يتدرج إلى الأبواب التى تقل فيها النصوص، ويتسع فيها مجال الاجتهاد، فيتربى الفقيه على أن ينضبط بالنصوص، فينبغي للإنسان أن يأخذ هذا الدين من كلياته ومن مبادئه ومن فروعه كذلك. حتى تنضبط وجهته العامة الكلية، لأنه إذا نظر إلى التفاصيل ربما يضل[4].

ويشير الترابي إلى أن: منهج التفكير الديني الحق منهج واقعي، فلم يأت القرآن أبواباً مبوبة ولا ألواحا تنزل فى وقت واحد وإنما نزل منجما على الأحداث، تقع الواقعة ويتخذ الناس فيها مواقف شتى ويتهيؤون إلى حكم من الله يفصل بينهم[5].ويرى أنه لن يتسنى لنا تفكير إسلامي إلا إذا عاد الواقع إلى الإسلام واتحد معه وطرحت القضايا طرحا عمليا[6]، والحقيقة أننا فى زمان جمد فيه الفقه الإسلامي، بل الفكر الإسلامي طويلا، ولا حل إلا بأن ندفع الناس إلى الحرية دفعاً وأن نحدث ثورة شاملة لا أن نقفل باب الاجتهاد[7]. ويخلص الترابى إلى أن المخرج من حالة الجمود الفكري الذى أصاب الأمة هو أن نطلق حرية التفكير الديني وقد يكون أن يظهر بعض الشواذ من المفكرين فتنتشر مذاهب ليست من الإسلام فى شيء، قد يكون هذا، وما أحسب أن هذه الأمة تجتمع على ضلالة فالفقه الإسلامي قديماً ما نظمه قانون ولا نظمه حاكم ولا نظمه سلطان، كانوا يجتهدون بالمئات فوثق المسلمون بوحي من الدين بأربعة أبي حنيفة وابن حنبل ومالك والشافعي، وانتظم المسلمون فى هذه المذاهب الأربعة[8].خلاصة الأمر، أن حظنا نحن من الدين يحتاج إلى تجديد وليس ذلك التجديد هو أن نبعث فيه روحًا عاطفية، ذلك التجديد وسيلته التربية الدينية.مستويات التجديد الديني ويرجح الترابي: أن يتم التجديد الديني المنشود فى مستويات ثلاثة:

أن نرده إلى الأصول الأولى من القرآن والسنة مستنيرين ومسترشدين بتقاليدنا وتراثنا وتجارب سلفنا الصالح،

وأن نجدد الصلة بالعلم العقلي.. العلم الاقتصادي.. العلم بطبائع الأشياء، وأن نوحد العلم كله فى إطار واحد وإن كان ذلك يبدو كثيرا فليكن الاجتهاد اتفاقا،

وأن نربط بين الفكر الإسلامي والواقع، فالدعاة للإسلام عليهم أن يكتبوا كتابات للمشكلات العملية والواقعية ولا يتحدثون عن الأمور العامة النظرية[9]

وعلى ذلك يرى الترابي التجديد شرطا لأصالة التديّن واستمراره، وهو بذلك شرطٌ للتوحيد في الدين. ويركز الترابي في طرحه لقضية التجديد الديني على أن الدين حركة توحيد بين التعلق الإيماني بالأزل، والتعلق العملي بالظروف، بين الإنسانية والبشرية، بين الروح والمادة. فالتوحيد عند الترابي هو "مفتاح الحياة الدينية، وهو من ثم مفتاح العلم الديني، فلا بد من تجلي المبدأ التوحيدي في وحدة منهج العلوم قاطبة، ثم في وحدة عناصر المنهجية المختصة بكل علم، وكما كان الشرك نقيض التوحيد فإن سمات المنهج العلمي الإشراكي تتميز عن المنهج الإسلامي التوحيدي بتجزئتها للحق والحقيقة، وغُلوِّها في اعتبار أو اعتبار مقابل، وتناقضها وانقطاع نسقها النظري والتاريخي".

ونظرة الترابي للتجديد أعمق من مجرَّد التنقيب في الموروث الفقهي عن فتاوى تناسب الطارئ الحديث، أو استحداث فتاوى متطوّرة في شأن فرعي أو آخر. لأننا إذا كنا نريد بعثاً شاملاً في فحواه، فلا بدَّ أن يكون التجديد أصولياً، ولا بدّ أن يكون ذلك من خلال بناء منهج أصولي جديد للاجتهاد استنباطاً من القرآن والسنة، واعتباراً بالتراث، واستعانة بالعلم والتجربة المعاصرة، لتغطية حاجات الفتاوى في قطاعات جليلة من الحياة. التجديد إذاً ليس تجاوزاً للدين ولا خروجاً عليه، ولكنه استجابة لحاجات التديّن في عصرٍ مُتجدّد وظروف حادثة. وفي تراثنا الفكري أمثلة كثيرة لهذه الظاهرة، وقديماً بعث الله الأنبياء ليقرروا معنى التوحيد وليحاربوا الشرك في صور أخرى. ومنهم شعيب عليه السلام الذي كانت قضية التوحيد عنده مرتبطة بالاقتصاد، وموسى عليه السلام الذي كانت قضية التوحيد عنده مرتبطة بالسياسة من جانب في وجه فرعون وبالاقتصاد من جانب في وجه قارون. فكانا عليهما السلام يمثلان وجهين من وجوه التصدي للشرك السياسي والاقتصادي.

[1] تجديد الفكر الإسلامي ص6

[2] ص8

[3] ص9

[4] ص9

[5] ص12

[6] ص13

[7] ص14

[8] ص14

[9] ص15